السبت، 26 يوليو 2014

هكذا يفكر الليبيون


بعد مضي أكثر من تلاث سنوات على الثورة وفي ذروة الخلاف القائم على مشروع الدولة وتباين وجهات النظر بين الاحزاب السياسية والاسلامية وتورط بعض الاطراف السياسية في الصراع المسلح والاغتيالات ووسط قلق كبير من ان بعض هذه الاطراف تعتمد على الدعم الاقليمي في فرض رؤويتها السياسية وفي ظل العراقيل التى وضعت أمام بناء الجيش والاجهزة الامنية بات من الطبيعي أن ينعكس هذا الانقسام وهذا الصراع على الشارع حتى بلغ الامر إلى مشاهدة مظاهرتين مختلفتين في المطالب والتوجه مما يعتبر جرس ينذر بخطورة المشهد الذي ربما سيعبر بنا إلى الاسوء وهو التراجع عن تأييد الثورة وصولا إلى التفكير بمقارنة الوضع السياسي الحالي بما قبل الثورة فالمواطن البسيط كان يتطلع إلى المستقبل بكل أشراقاته بعد أن دفع ثمنا باهضا من الدماء لنجاح الثورة ...كان يبني أحلاما وردية بعد سنوات العناء والحرمان على نتائج الثورة التى كلفته الكثير فإذ بأحلامه تتبدد وأمانيه تتبخر واصبحت حريته في الحياة الكريمة بعيدة المنال وربما يحتاج إلى وقت طويل كي تعود إليه في ظل أوضاع أمنية متردية حتى أنه لم يعد لم يعد يامن على حياته وسيارته وبيته وأطفاله بات الحديث في الاماكن المغلقة وبين الجدران الاسمنتية كيف كان المواطن يعود إلى بيته بعد منتصف الليل مع أسرته دون أن يتعرض للسرقة أو الاختطاف أو الاغتيال أنا مواطن أعيش في الحواري والازقة تورمت قدماي من الوقوف على ناضية الشارع اقابل كا أصناف الرجال من المثقف إلى الامي إلى الشاب المتعاطي غلى المعتكف في المسجد وأعرف الفطن والحاذق والذكي ..أعرف كيف يفكرون وماذا يريدون ...أعرف كيف أختلطت عليهم المفاهيم وكيف تعرض بعضهم لغسيل دماغ وكيف أستغلهم الجشعون والمرابون وتجار السياسة والدين في الانتخابات وكل هذه الاطياف هي نبض الشارع بل هم مرآة السياسة وتكاد تجمعهم قواسم مشتركة ملتبسة أحيانا وتلامس الحقيقة في الكثير من الاحيان المواطن لم ير أى تبدل نحو الافضل في النواحي الاقتصادية لا على المستوى الشخصي ولا على المستوى التنموي ومشاريع البنى التحتية لكنه يرى حجم الفساد والعبث والسرقات وضياع الحق والاعتداء على ممتلكات الدولة وعدم أحترام القانون المواطن لم يعد يثق في المؤتمر الوطني ويعتبر وجوده بعد 7-2 هو اغتصاب للسلطة وأنه نهب مقدرات البلد وخان الثورة وحاد عن مبادئها المواطن يضع كل الاطراف الاسلامية في سلة واحدة ويعلق عليها أسباب الوجع والازمات السياسية وكل الاغتيالات المواطن لا يثق في اى حكومة سابقة أو قادمة ويعتبر الصراع على منصب رئاسة الحكومة بمثابة إعلان عن سرقة الميزانية المواطن يشعر بان أزمة الوقود والكهرباء والقمامة هي أزمات مفتعله الغرض منها تحقيق مكاسب سياسية على حسب طرف أخر لذلك فإن الكثير من الناس وجد ضالته في عملية الكرامة أيدها وساندها ووقف معها ويؤمن بأنها البديل المتوفر لانقاذ البلد من هذا العبث السياسي والامني بغض النظر عن أبعادها السياسية الغيبية وهى نتيجة متوقعة خصوصا بعد سلسلة الاغتيالات التى لم تتوقف لم تكن عملية الكرامة خيارا للشعب وإنما نتيجة لما آلت إليه الامور بعد الثورة وأستطيع الجزم بأنها أفضل الخيارات المطروحة على الساحة إذ لا يمكن أن نتغاضى على أنه وفي غياب الدولة هناك مشروع سياسي للاخوان ومشروع سياسي مسلح لانصار الشريعة ومشروع سياسي فيدرالي يتحين الفرصة لتقديم نفسه ومشروع قبلي يمسك بمفاصل العاصمة ومشروع سياسي لعودة النظام السابق ومسروع سياسي أقليمي دولي غير واضح المعالم وكل هذه المشاريع تهدد الوحدة الوطنية وتشكل تحدي لمشروع الدولة المدنية ربما تضررت عملية الكرامة من المواقف السياسية المؤيدة لها من بعض رموز النظام السابق وأستغلها الرافضون لهذه العملية وأعتبروها أمتداد لعودة النظام أو لحكم العسكر في مصر وهى استنتاجات يدرك اصحابها أنها لا تستقيم ولا يمكن البناء عليها وماهى إلا محاولة يائسة لايقاف العملية وكسر تنامي حجم التاييد لها الذي بدأ يتصاعدتدريجيا على المستوى السياسي وكانت من نتائجه ظهور بعض التنظيمات المسلحة على الفضائيات تؤكد براءتها من دم الليبيين وضباط الجيش على عكس ما كنا نشاهده من تجاهل قبل العملية أنا مواطن ولست صعلوكاولا شحاذا على أرصف الوطن ولا يهمني ما يقوله بن نعمان ولا شمام ولا جبريل ولا الجزيرة ولا ما يتقيأ به السياسيون المحليون ولا سياسيو المهجر في الدوحة ودبي والاردن ..أبحث عن البنزين والكهرباء والامن وعن مرتبي وحريتي وكرامتي وعن حماية أطفالي ويبتي واسرتي أريد أن أرى الشرطة في الشوارع والجيش على الحدود وأريد أن أرى ابواب المحاكم مشرعة والمطارات مفتوحة والسفر متاح والمدارس مؤمنة وأن يتوقف القتل وعلى الحكومة أن تضرب راسها في الحائط لتوفر لي ذلك عنده فقط سافكر بالتراجع عن تاييد عملية الكرامة لانتفاء الاسباب.




سالم البرغوثي

0 تعليقات:

إرسال تعليق