الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

الدكتور فرج نجم , الباحث الأكاديمي , و رئيس لجنة توطين البرلمان .. في حواره مع مجلة لنا




ما هي رؤيتك حول موقف الإخوان المسلمين بعدم اعترافهم بالبرلمان بسبب انعقاده في مدينة طبرق ؟
اعتقد انه خطأ سياسي مكلف جداً وأنهم أعطوا انطباعاً بأنهم لا يكترثون كثيرا بقوانين وقواعد اللعبة السياسية.
ما هي مشروعية انعقاد البرلمان في طبرق ؟ باعتبار أنك رئيس لجنة توطين البرلمان.
هو ليس برلماناً كما يشاع في الإعلام وبين العامة، وإنما مجلس لشورى النواب سمي في التعديل السابع للإعلان الدستوري بـ "مجلس النواب". فالبرلمان عادة يتكون من غرفتين (عموم وشيوخ) ونحن ليس لدينا حالياً إلا غرفة (مجلس) واحدة وليس لدينا غرفة للشيوخ بعد.
مجلس النواب مؤسسة تستمد مشروعيتها من أغلب الليبيين، لأنه إفراز صندوق الاقتراع برضا كل الفرقاء السياسيين وله الحق في عقد جلساته في أي مكان يراه وأن كان مقره الرئيس هو مدينة بنغازي، وكل جلساته في مدينة طبرق قانونية ومشروعة بالنصاب القانوني الذي وصل إلى ما يقرب من 85% من مجموع النواب المنتخبين.

هل ترأي أن موقف الإخوان المسلمين الأخير و ردت فعلهم عبر نوابهم بمقاطعة البرلمان سيؤثر سلباً علي عمل البرلمان ؟
نعم وبكل تأكيد .. وهذا خلق توتراً في الشارع الليبي خاصة في المناطق التي لهم تأثير فيها وعليه يجب أن يجلبوا إلى طاولة الحوار وأن يذكروا بأن العنف لا يجدي بل سيولد العنف. وأنا عندما أتحدث عن العنف لا استثني أحداً بما فيها الدولة ومؤسساتها الأمنية.
وعلى الإخوان جماعةً وحزباً أن يترجموا العقد الذي بينهم وبين الليبيين بالالتزام بالنهج الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة ونبذ الأستقواء بالسلاح قولاً وعملاً، وعلى الليبيين أن يوقفوا حملات التشويه والشيطنة والتضييق التي يقودها خصوم الإخوان ضدهم.
العديد من المراقبين الدوليين نقرأهم دائماً يتخوفون مما وصلت إليه مجريات الأمور في مدينة درنة و يصفونه بالإرهاب .. هل تعتقد أن البرلمان قادر علي مواجه الإرهاب في درنة ؟
مدينة درنة الزاهرة حالة حزينة تجسد المأزق الليبي منذ سبعينيات القرن المنصرم. عُرفت درنة بالثقافة والإبداع والرقة والدعة وإنتاج نساء ورجال كانوا رواداً في الفكر والأدب والدبلوماسية ولكن تعمد النظام السابق أن يسد في وجه أهلها وكثير من مدن برقة وخاصة بنغازي أي مجال للتألق، فانصرف عدد لا بأس من شبابها إلى صناعة الموت بعدما كان آباؤهم وأجدادهم يجيدون صناعة الحياة بمقدرتهم الإبداعية، وعليه يجب على مجلس النواب والحكومة التعامل مع مدينة درنة وبقية المدن التي تعاني من هذا الانفلات الأمني والإرهاب بكياسة وخطط تنموية بقدر ما هي أمنية، ولكن هنالك توجه بين البعض في المجلس بأن الإرهاب لا يقابل إلا بالعنف المضاد وهذا خطأ جسيم.

عدد من نواب البرلمان قرروا رفع غطاء الشرعية عن عدد من الجماعات المسلحة التي لا تخضع لسلطة البرلمان .. ما إمكانية نجاح هذا القرار ؟
إمكانية النجاح تكاد أن تكون معدومة لأن المجلس لا يملك الأداة للتعامل مع هكذا ظاهرة. وأيضاً يجب ألا يكون هنالك جماعات مسلحة تحت الشرعية، أي المجلس لا يملك جماعات تحمل السلاح وإنما الدولة الليبية لها مؤسسة عسكرية وشرطية وأجهزة أمنية فقط تتبع لها.

لماذا أصبح من شبه المستحيل تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا كتلك التي تعمل في تونس بغض النظر عن أيدلوجيات وزرائها ؟
لأن الجميع متشبث برأيه ولا يريد التنازل للأخر وكأن الأخر عدو لدود وليس أخ وقريب وجار وشريك في الوطن ومحنته، وعليه لا خيار أمام الليبيين إلا التنازل المؤلم لبعضهم البعض ليخرجوا جميعاً من هذا المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه، لأن المنتصر في هذه الفتنة هو خاسر.

في رأيك .. من يقف وراء عدم إنجاح حكومة وفاق وطني ؟ هل هي مشكلة قبلية ؟ أم أنها جهوية ؟ أو أنه القصور السياسي ؟
السلاح اللعين هو وراء كل مشاكلنا، لأنه كلما اختلفنا – وهذا شيء طبيعي – نلجأ للإستقواء بالرصاص عوضاً عن الحوار. أيضاً القبلية وليس القبيلة و الجهوية وليست الجهة أو المنطقة نظراً لغياب الخطاب السياسي الوطني المتزن والملتزم والقصور والعجز السياسي التي تعاني منها الحالة الليبية. بعضنا يعاني من تشنجات وجنون جماعي عندما نتعاطى السياسة، في حين تاريخنا الاجتماعي يذكرنا بدبلوماسية القبيلة في حل المعضلات، وتجاوز المحن.

كمتخصص في تاريخ القبائل الليبية .. ما هو دور القبائل الليبية في الأزمة الواقعة ؟ وهل لها أن تكون جزء من الحلول ؟
لولا القبيلة في ليبيا لكانت ليبيا مسرحاً لفوضى عارمة أسوأ مما نراه الآن، ولهذا عبئت القبيلة الفراغ السياسي الناتج عن غياب الدولة ومؤسساتها لتطمئن وتدافع عن أفرادها الذين هم مواطنون في الدولة الحديثة الحالية. ولهذا يجب أن تلعب القبيلة دورها الفطري المنوط بها إيجابيا.

هل لك أن توضح للقارئي تركيبة البرلمان ؟ هل يوجد توافق بين أعضائه ؟ كم عدد التحالفات تقريباً داخل البرلمان ؟ و هل قادرة علي إتخاذ قرار أو الحيلولة دون قرار ؟
يفترض أن يكون الأعضاء مستقلون ولا ينتمون لكتل بموجب الاتفاق على إلغاء الكتل والإبقاء على استقلالية العضو. ولكنني سمعت بان هناك كتلة تسمت بكتلة بناء الوطن تحاول أن تناور تحت قبة المجلس.
حقول النفط لا تعمل كما ينبغي لها أن تكون .. البعثات الأجنبية غادرت ليبيا .. المطارات كذلك مدمرة .. هل حان الوقت لإعلان ليبيا 

كدولة فاشلة ؟ هل هناك مخرج من هذه الأزمة ؟ هل يمكن أن يكون للمجتمع الدولي دور في حل المشكلة ؟ أم أنهم جزء من الأزمة ؟
نحن وصلنا القاع وأمام خياران أما أن نبقى في القاع أو نصعد ولا ادري هل وصف الدولة الفاشلة ينطبق علينا من عدمه، والمخرج هو الحوار والتنازل المؤلم لبعضنا البعض بإشراف المجتمع الدولي.

كيف يمكن للبرلمان السيطرة علي ظاهرة إغلاق الحقول النفطية من أجل فرض أراء سياسية أو من أجل مكاسب مادية ؟
يجب أن تحيد الحقول والموانئ النفطية من التجاذبات السياسية وأن لا تستعمل للمساومة الرخيصة لأنها قوت الليبيين. ويجب أن تخضع هذه الأملاك والأصول والمخازن الإستراتيجية للدولة والدولة فقط.

بحكم تخصصك .. هل لك أن توضح لنا سبب نشاط الجماعات الجهادية في منطقة الساحل ؟ سوريا , العراق , مصر , و هل تعتقد أن ليبيا أرض خصبة للجهاديين ؟
الليبيون معروف عنهم عدم الرضوخ للظلم والشدة والمثابرة في المقاومة، وأيضاً نصرة المظلوم، فتاريخ الآباء والأجداد يشهد بذلك وعليه حالة الإحباط والبطالة والاستبداد فجر في أنفس شبابنا العنف كوسيلة للخلاص من واقع مرير. فنحن نمتلك مخزون بشري ما يقرب من 70% من شعبنا لم يتجاوز عمره 30 سنة يعاني من قل الوظيفة وعدم المقدرة على الزواج والعيش الكريم إلخ، فيلجأ بعضه إلى طرق غيبية تعجل برحيله للفردوس الأعلى إيماناً وتحسباً ولكن أيضاً هروباً من ضنك الحياة، فيرى أسرع وأضمن السبل للوصول للخلود هو القتال والجهاد في سبيل الله.



ريم البركي

مواليد بنغازي 1989، بكالوريوس أداب إنجليزي، رئيس تحرير مجلة لنا، مراسلة لصحيفة الأخبار اللبنانية، نُشر لها تقارير في صحيفة الحياة اللندنية، ومتعاونة مع وكالة أنباء دولية.

0 تعليقات:

إرسال تعليق