الاثنين، 23 سبتمبر 2013

بنغازي عودي إلينا ..عودي إلى ليبيا


لم تكن أبدا بنغازي تلتفت لنفسها هكذا تعلمنا في قصص الأجداد، هي دوما تنادي باسم ليبيا، دماء أبنائها حقيقة تروي كل تراب الوطن.. فماذا حل بها حتى تصرخ وتختصر لنفسها مطالب، لم يعتد الليبيون منها ذلك .نعم بنغازي لم تصرخ مستنجدة عندما حاولت كتائب القذافي اقتحامها بل صاح أبناؤها بأننا سنلهم العالم بثورتنا وخاطبوا القذافي قائلين "سنأتيك في عقر دارك فواجهوا رتل الموت قرابة يوم كامل فمنعوه دخول عرين الأسد قبل أن يشرع العالم بعد الانبهار في دك بقايا الرتل البعيدة عن المدينة .هكذا كانت رباية الذايح تلم شمل ليبيا حينما يحاول المغامرون تفريقه ولكنها اليوم للأسف تعاني ليس فقط محاولات المغامرين من بعض أبنائها بل تُعامل من الدولة وكأنها تعاقب لكن دون معرفة الجريمة التي ارتكبتها سوى أنها ألهمت الليبيين والعالم في ثورة وقف لها الجميع إجلالا حتى مع قليل الأخطاء فإنها حافظت على صف متماسك لم يستطع القذافي أن ينجح بكل خبرته وأدواته وأموال الليبيين في التفريق والتمزيق .يحاول بعضنا اليوم أن يصفها بمدينة أشباح بسبب ما تعانيه من تردي ليس فقط في وضعها الأمني بل أيضا في حضور الدولة الوليدة، التي تصر – لا أدري إن كان بسبق إصرار وترصد – على تسجيل غيابها الدائم في كل ما يلم بالمدينة من أحزان وتوترات، أو هو عدم وعي وإدراك لدور هذه المدينة التي تستمد ليبيا عافيتها من عافية بنغازي فهي ليس ككل مدن ليبيا، هي مدينة بنكهة وطن حتى لو أراد بعض أبناء الوطن التقليل من هذه النكهة بالنظر إلى وضع المدينة الحالي الأمني أو الاقتصادي، ولكنها تبقى ثقافيا وسياسيا واجتماعيا هي محرك الوطن رغم غياب الدولة غير المبرر مهما حاولت التبرير 

.لم تكن تطلب بنغازي إلا أن تكون شريكة في الوطن رغم أن أبناءها تحملوا مسؤوليات معارضة النظام والثورة ضده ثم الثبات على استمرار الثورة ودعم كل مناطق ليبيا. ولم يعاقبوا حتى من عق الوطن وعقها إبان الثورة وقبلها مرغما أو مريدا بل تسامحت مع مدن كانت تحسب على النظام ووصف سلوك أبنائها أوقات التحرير بالمسؤول فحافظوا على الممتلكات والأرواح ولم يقتادوا سكانها أسرى .عفت بنغازي عن مناطق ليست بعيدة عنها انحازت عسكريا وأمنيا مع النظام بل تواصلت معها وتسامحت وتناست ما حدث كأنه لم يحدث، غفرت للحد الذي اعتبره بعض أبناء المدنية تجاوزا لحد التسامح فلقى فيها بعض من ناهض الثورة ملاذا بين سماحة أهلها. والبعض يريد اليوم استغلال هذا التسامح ليعكر مزاج المدينة بل ويشوه سماحتها وعفوها وتصالحها فبنغازي مدينة متصالحة مع ذاتها.

نجحت بنغازي في أن تكون كل الأحداث الأمنية فيها فردية، أما مكوناتها الاجتماعية المتراصة فيها من كل حدب وصوب في الوطن فتداعت لحماية سلمها الأهلى رافضة أن تتورط في أي مواجهات بل استندت إلى الدين والعرف في مواجهة كل جرائم القتل والاعتداء رغم الغياب المطبق للمؤسسة الأمنية للدولة وتوقف مستمر للقضاء وعجز كامل في السجون وانتشار للمجرمين الجنائيين في المدينة.

رغم ذلك كله فبنغازي تبادر ولا تتوقف عن المبادرة فهذا قدرها وهذه مسؤوليتها. ستستمر في النهوض مهما تعثرت بأخطاء أولادها أو تجاهل الدولة فإنها ستنهض ليس لأجلها قطعا بل لأجل ليبيا، لن تنكفئ مدينة الشهداء الذين سقط أغلبهم خارج أسوار المدينة والجرحى الذين أصيبوا برجيم الكتائب وهم يحررون ليبيا في كل موطن قدم للجهاد والثورة، والسجناء الذين كانوا ينقلون منها إلى العاصمة ليقضي بعضهم نحبه غدرا، أو يطوي عقودا من القيد والتعذيب والمهجرين والمهاجرين والمفقودين في كل زوايا الوطن .
إن مدينة العطاء والوفاء لن تنكفئ على نفسها ولن تبني "غيتو" يعيق إبصارها لليبيا وإشكالات ليبيا ولن تثنيها محاولات تجاهلها في الدأب لاستنهاض همة الليبيين من جديد لحماية ثورتهم للوفاء لدماء شهدائهم وبعد ذلك لبناء وطنهم حتى لو حاول بعض أبناء الوطن تجاهل لماذا ثار الليبيون.

نعم لبنغازي مطالبات ولكن سيعي أبناؤها أن مدينتهم تطالب بليبيا، وسيعرف فيدراليوها أنهم أخطأوا في حق مدينتهم عندما دفعهم ألم طعنات ذوي القربى للمطالبة بحق المدينة فقط ولكن لا ينبغي لها إلا أن تكون حاملة لمطالب كل الليبيين. وسيدرك مجاهدوها وثوارها أن دورهم بعد التحرير كما كان دورالأجداد هو حماية حدود ليبيا وسيادتها ضد أي اعتداء خارجي ولا يليق لهم كأبناء لبنغازي أن يتأخروا عن الانضمام للمؤسسة العسكرية الرسمية ودعم تأسيسها ومن لا يشأ منهم فليتوجه للعمل الذي كان عليه قبل الثورة فهناك تحتاجه ليبيا. وأنتم يا ليبراليي المدينة هل نسيتم أن الحرية كانت دوما معشوقة هذه المدينة التي لم تساوم عليها مع العقيد مقابل أن يرفع عنها التهميش بل ومقابل أن توقف الثورة بعد زيارة نجله الساعدي لها أيام قبل اندلاع ثورتكم المجيدة، فلما اليوم تحاولون مناجزة شركائم في عشق الحرية والنضال لأجلها طوال عقود طويلة هل نسيتم عقود حكم العقيد كيف كان أبناء بنغازي من كل الأفكار يعلقون على أعواد المشانق ويقتلون في الشوارع ويغيبون في السجون فقط لأجل الحرية. 

أيتها الدولة مؤتمرا وحكومة لن ينفع ليبيا تجاهلك لبنغازي أو جهلك بها عليك أن تتواجدي في المدينة ولا تصري على الهرب إلى الأمام فتزيدي من جراحات المدينة وتؤخري تأسيس الوطن. أيتها المدينة الجامعة هل تذكرين عقودا جمعت جامعتك ثلة من شباب ليبيا ليس فقط درسوا فيها أو حتى توطنوها بل مارسوا فيها السياسة وتعلموا بين جنباتها عشق ليبيا وكم من شاب جاء من مكان قصي في الوطن خرج من جامعتك وهو اسم لامع أو مناضل جسور. أيتها المدينة العتيقة عودي إلينا كما أنت في مخيالنا مدينة البهجة والفرح والحفاوة وحب الحياة الذي علمنا تحدي عقود التهميش بل وتفجير ثورة مجيدة لا يزال أطفالنا يتغنون بها وتروي قصصها الجدات وقبلا قادت نضالات التحرير من المستعمر وتنازلات التوحيد بين جهات وزوايا الوطن لم تبخلي يوما بدمك ولا بمواردك فكوني أنت، لا نريد أن نشعر بك غريبة في قلوبنا، لا نريد أن تتساقط صورك الأثيرة من ذاكرتنا فأنت من علمتنا عشق ليبيا والتضحية لأجلها والوفاء لها بل والصبر على ظلم بعض أبنائها. بنغازي عودي إلينا عودي إلى ليبيا.



اسماعيل القريتلي

1 تعليقات:

  1. وحدة ليبيا هي القضية الأكثر أهمية للمواطنين!

    ردحذف