الجمعة، 16 مايو 2014

نشر الكراهية باسم الدين



المسلم طيب وديع،هذا ماقرأناه في الصغر،وهذا ما علمه لنا اساتذتنا في صفوف الابتدائي،وكنا سعداء ونحن نقرأ في حصة المكتبة عن قصص التراحم في مدينة رسول الله عليه أفضل الصلوات والتسليم،وكيف كان اليهود يعيشون في دولة مدنية بكامل حقوق المواطنة.
كيف حدث وأن تحول الاسلام والمسلمون الى شيء يثير الخوف والقلق لدى غيرهم،وكيف تحول المجتمع الاسلامي المتجانس مع غيره الى مجتمع يعاني من حالة انقسام وكراهية!!
أنظمة دكتاتورية وفرت ارضاً خصبة
ابتليت البلدان العربية بانقلابات عسكرية تحولت الى انظمة شمولية تتبنى دكتاتوريتي الفكر والسلطة،حكمت البلدان العربية بالحديد والنار،وأفرغتها من نخبها وقياداتها المجتمعية،وكانت البلدان العربية خاصة الشرق اوسطية تشهد تنوعاً دينياً ومذهبياً،وتتعايش مجتمعاتها سلمياً،إلا أن هذه الانظمة الشمولية تصادمت مع النخب بما في ذلك النخب الاسلامية ماأدى الى التضييق على الكليات الشرعية كما حدث في ليبيا عبر اقفال نظام القذافي لجامعة ابن السنوسي وعدة كليات شرعية أخرى والتضييق على وزارة الشؤون الاسلامية وتفريغها من محتواها.
أصبحت البلدان العربية بشكل عام وليبيا بشكل خاص جاهزة لاستقبال أي فكر في ظل افتقار البلد للقدرات العلمية القادرة على التصدي للافكار المتطرفة بأسلوب يستند الى قواعد الشريعة السمحاء، وهكذا وفرت هذه الانظمة بيئة مناسبة لنشر فكر الكراهية الذي استند في وجوده على اشاعة الكراهية للحاكم والمحكومين.
احتكار الدين
خلال احتلال الاتحاد السوفيتي لافغانستان،تم مخاطبة الشباب العربي والاسلامي بشكل عام بالتوجه للمشاركة فيما اطلق عليه وقتها - الجهاد - قبل أن يسمى لاحقاً من ذات الخطباء والمشائخ إرهاباً،ووزعت مئات الالا ف من أشرطة الكاسيت لخطباء يحرضون الشباب على الانخراط في الجهاد الافغاني،هب عدد كثير من الشباب الليبي الذي ضاق ضرعاً من قمع النظام وتضييقه عليهم وتعطشهم لدراسة الشريعة،انتقل الشباب من بيئة لاخرى تشبعوا فيها بافكار غريبة عليهم،وبعد إنتهاء الحرب الافغانية السوفيتيةوبداية الحرب الافغانية الافغانية والتي كانت تتركز على عدة أسس منها ثقافة الكراهية أو ما سُمي وقتها - بالتصفية والتربية- ومنابذة الفرق الضالة،وهكذاعاد بعض هؤلاء بثقافات جديدة وغريبة على مجتمعهم واصبحوا وكأنهم هم من يمثل الحق بل ويمثل الله في المنطقة العربية .
ولقد ساهم الدعم المالي الكبير الذي بُذل من دولة خليجية من اجل توزيع مطويات وكتب تروج لهذا التوجه في تغيير الخارطة المذهبية في عدة دول منها ليبيا،ويمكننا القول أن نسبة ليبيا للمذهب المالكي حالياً هي مجافية للواقع فحتى فتاوى الزواج والطلاق يطلبها غالبية من هم في سن الشباب من علماء لاينتمون للمذهب المالكي.
وأصبح هناك تقاطع حاد بين جيلين،جيل يحتكر الحق ولايرى ممثلاً له سواه،وجيل يرى أنه على الحق لكنه غير قادر على مواجهة الحجة بالحجة لقلة العلماء بعد أن قضى عليهم النظام.
ولم يقتصر الأمر على البلدان العربية بل تجاوزها الى البلدان الاوربية التي كان المهاجرون من البلدان العربية والاسلامية يجدون فيها الملجأ من قمع أنظمة بلدانهم.
وتم فصل المسلمين من الاندماج في المجتمعات الغربية الحاضنة لهم وبدلاً من أن يكونوا مؤثرين فيها وفاعلين في حراكها حصلت حالة من التقوقع سرعان ماتحول خلالها الشباب المسلم الى مواجهة الغرب أو الرحيل عنه للجهاد في بلدان يحاربها الغرب أو يبدو كذلك.
النموذج الطالباني لا النموذج الاسلامي
أسست طالبان إمارة في افغانستان بعد بسط سيطرتها عليها،وبدأت في تطبيق ماأسمته الشريعة الاسلامية،وكان أول حراك صُدم العالم به هو هدم تماثيل بوذا التي اعتبرتها منظمة اليونسكو تراثاً إنسانياً،وكانت فتاوى واجتهادات فقهائها تتحول الى قوانين تطبق بقوة السلاح.
وثق النشطاء جرائم الحركة ضد الانسانية التي كانت ترتكب باسم الدين الاسلامي،وأصبح النموذج الطالباني ملهماً للعديد من الجماعات المتطرفة رغم انهياره،وبعد الغزو الامريكي للعراق ظهر نموذج طالباني سمي (داعش) في العراق الذي كرس من ثقافة الكراهية بل وشهدت ثقافة الكراهية تطوراً عبر تحولها الى اجتثاث وتطهير عرقي وأصبحت المخالفة في الدين والمذهب موجبة للحد - الداعشي - وأصاب سوريا ماأصاب العراق وشهدت القرى السورية الواقعة تحت سيطرت - داعش - جرائم ضد الانسانية البست ثوب الشريعة ظلما وزوراً،ولايزال المواطن العربى والمسلم مصدوماً قبل غيره أين كانت هذه الكراهية وكيف خرجت،بعض المتباكين على رحيل الطغاة ارجعوا السبب الى ما اسموه فقدان الامن والامان برحيل تلك الانظمة،فيما يرى آخرون أنه لولا تلك الانظمة ماظهرت هذه الموجة من التطرف والكراهية.
لاشك أن فشل صناع القرار والساسة في دول الربيع العربي في ايجاد صيغة توافقية لمفهوم المواطنة،سوف يتيح المجال لنشر المزيد من ثقافة الكراهية.
الاستبداد هو بيت الداء لذا فإن الرجوع لتلك الحقبة هو رجوع لاسباب نشوء التطرف.
ينبغي على الساسة خاصة في ليبيا وضع تعريف توافقي لمفهوم الدولة المدنية التي يتمتع فيها الليبي بكامل حقوق المواطن الاصيل.
فهذا هو البداية الحقيقية لنزع جذوة هذه الظاهرة من المجتمع الليبي.



عبدالمنعم الشوماني

0 تعليقات:

إرسال تعليق